وسعت رحمته كل شيء

يقول ربنا تبارك وتعالى ﴿وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦]
﴿نَبّئْ عِبادي أَنّي أَنَا الغَفورُ الرَّحيمُ﴾ [الحجر: ٤٩]
ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عنه أبو هرٍّ رضي الله عنه "لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي" متفق عليه

ليس ماذُكر إلا غيضٌ من فيض فيما ذُكر في رحموت الله عز وجل ، ليست إلا بِضع رحماتٍ من رحماته المئة التي رزق خلقه إحداهن فوزّعها عليهم جميعاً ، كما جاء في حديث حبيبنا عليه الصلاة والسلام "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءً واحداً، فمن ذلك يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" رحمة واحدة طالت جميع مخلوقاته ،  فكيف بالتسعة والتسعين رحمةً المتبقيةِ  والتي إختزنها لعباده بيوم القيامة .

فدعونا نحلق في الرحمة التي وهبنا ايها سبحانه وتعالى في الدنيا وندع ما اختزنه لنا في الآخرة فهو أعلم بما هو الأخْيَرُ والأصلح لخلقه .

فمن رحمته سبحانه بك وبي أن فطرنا على فطرة الإسلام وهدى قلوبنا اليها وما كنا لنهتدي لولا فضله علينا ورحمته بنا سبحانه وتعالى ، في المقابل كل أولئك البشر من عباد شمسٍ وبقرٍ وأصنامٍ لا تدفع عنهم ضراً ولا تجلب لهم رزقاً ، أليست تلك رحمةً منه سبحانه بنا ان هدانا للصراط المستقيم ؟

ومن رحمته أيضاً أن أرسل رسوله الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام رحمةً للعالمين {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} والقارئ في سيرته عليه الصلاة والسلام يرا صوراً ومواقف لا تعد ولا تحصى لما وهبه ربه الرحيم من رحمةٍ بأمته ، ومما ذكر في سيرته ذلك الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: "لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت: يا رسول الله ادع الله لي، فقال: اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرت وما أعلنت، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسرك دعائي؟ فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك، فقال صلى الله عليه وسلم: والله إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة"
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعتة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة ـ إن شاء الله ـ من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا" .
كل أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام تعجلوا دعواتهم الا حبيبنا الا الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام ، رغم إذاءِ صناديد قريشٍ واليهود والنصارى اختزن دعوته المستجابة رحمةً بأمته .

ومن رحمته عز وجل أن جعلك صحيحاً معفى ولم يبتليك بالأمراض والأسقام ، بل إن حتى ذلك المريض فهو وان كان مريضاً فإن رحمة ربه تغشاه وتسري في عروق دمه فهو وان بلغ به المرض ما بلغ فعليه أن يتأكد أن هناك من هو أسوء منه بالتأكيد .

ومن جميل صور رحمته جل جلاله ان قد تبلى او تحل بك مصيبة أو كرب ما !!
قد تسأل نفسك كيف لذلك أن يندرج تحت صور رحماته سبحانه ؟
سأخبرك كيف ، فقد تكون أبعدتك الدنيا وشهواتها عن قربه ومناجاته ودعائه ابعدتك عن الإنفاق ، عن الصلاة ، فأراد بما تراه انت سوءً لك خيراً كثيراً ؛ بأن يعيدك للطريق الصحيح ، للطريق الذي يملأه بكرمه سبحانه ،
إن بُليت بمرضٍ فصبر واحتسب ، ان فقدت عزيزاً فصبر واحتسب فستنهال عليك رحماته ويجعل مصابك كفارة لك وخيراً وأجراً وفيراً ، وان خسرت تجارةً أو مالاً فصبر واحتسب فقد ربحت تجارةً مع الرحيم الذي لا يخسر عنده إلا من أبى .

{نبئ عبادي أنَّي أنا الغفور الرحيم} سبحانه الذي لا يمن علينا برحمته وهو غني عنا .
يكسونا بها ويفضلنا على كثير من خلقه رغم ضعفنا امام شهواتنا وتقصيرنا .
لا يجعلها حكراً لمخلوق دون الآخر فرحمته قد وسعت كل شيء .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنت لست الأسوء !

لذة العطاء