أنت لست الأسوء !

كيف كان يومك ؟
مرهقاً ؟ متعباً ؟ أو مملاً ؟

 تشعر بأن هناك ما ينقصك؟ ... الكثير ؟

لديك احساس بأنك أسوء أهل المعمورة حظاً وبأن كل من هم حولك رزقوا بالسعادة وأنت مازلت تبحث لاهثاً عنها ؟

في الحقيقة أنت لست الأسوء ولن تكون الأسوء أبداً !!

ولكي أثبت هذه الحقيقة لك ولغيرك دعني أعرض عليك بعض الظروف السيئة التي يمر بها بعض إخوتك المسلمين حول العالم وسترى بأني على حق .

ففي الوقت الذي تشعر بأنك تأكل فيه طعاماً رخيصاً أو غير مشبعٍ لمعدتك ، فإن هناك شخصاً آخر في بلدٍ ما قد وجد قطعةً من الخبز بجانب حاويةٍ للنفايات مع محاولاتٍ يائسة لإزالة ما علق فيها من أوساخ ، وآخر لم يجد طعاماً واقفاً عند الباب الخلفي لأحد مطاعم المدينة ؛ طامعاً في بقايا طعامٍ ترمى فتصبح عشاءه لتلك الليلة ، وتلك الفتاة التي تخرج برفقة إخوتها ظهراً الى شجرة قريبةٍ من منزلهم ليجمعوا بعض أوراقها التي لا تأكل ولا تغني من جوع ؛ ليضعوها في ماء مغلي لعلها أن تسكت جوعهم ، وذلك الأب الذي يقضي ليله متألماً من معدته الفارغة الجافة وجسمه الهزيل الذي لا يقوى على الحراك بسبب الجوع ، وأطفاله يصرخون جوعى وهو لا يملك أي حيلة في اسكات جوعهم ، والأخير الذي  يمنعه الأطباء من تناول الطعام بسبب ما حلّ به من أمراض قد تهلكه .

وفي الوقت الذي تشعر فيه بالإطمئنان والسكينة والأمان ، هناك أمٌ قد أغلقت أبواب منزلها المتهالكة مختبئتاً مع أطفالها في أضيق غرف منزلهم من عدو متربص متعطش للدماء والقتل ، أو طائرة تحوم في الأرجاء ينتظر ربانها المأمور قراراً من قيادته بقصفٍ مدمرٍ ومهلك، وأخرى حابسةً نفسها بنفسها في غرفتها خوفاً من أب أو أخ أو زوجٍ متعجرف لا يملك ذرةً من رحمة ، ورب الأسرة ذاك الذي يذهب لعمله تاركاً خلفه زوجته وابنائه من اجل البحث عن لقمة عيش وهو سارحٌ يفكر في من تركهم خلفه خوفاً عليهم ، فهو يعيش في بلد الأمن فيه كالورقة يستطيع أياً يكن تمزيقها بدون حسيبٍ ولا رقيب .

وفي الوقت الذي تجلس فيه على كرسيك وقد سرت الصحة في كل عضوٍ من أعضائك لا تشتكي من هذا العضو أو ذاك ، هناك شخص تباغته بين الحين والآخر صرعات ترديه طريحاً و قد ألحقت فيه الكثير من الأذى ، وآخر قد فقد بصره يتمنى لو استطاع رأيت والديه لعشر ثوان فقط ، أو قد فقد سمعه أو حتى كلاهما معاً - سمعه وبصره - ، والآخر الذي يقضي كل ليلةٍ من ليالي عمره متألماً صارخاً ، فهو لم يعد لديه من المال ما يسد احتياجه للطبيب والعلاج ، أو أن الأطباء أصلاً قد يأسوا من حالته لدرجة أنه يتمنى الموت ليرتاح من عذاب ألمه !!

يا أخي قد تملك سيارةً متهالكة ، وتقوى على الحراك من مكان لآخر ، وهناك من لا يملك أي شيء يقله لمكان عمله أو حتى الى المشفى ان فاجأته حالة طارئة ، والآخر الذي أصبحت غرفته هي عالمه بجسد قد شل بالكامل؛ بسبب حادث مروري يتمنى لو يحرك يديه من أجل أن يشعر بجمال لحظة واحدة يقضيها في عناق طويل لوالديه أو أبناءه .

ومنزلك الذي بنظرك أنه أردى منازل الحي ، إنه في نظر آخر أجمل منزل على الاطلاق فهو قد عاش في غرفة واحدة هي مطبخه وغرفة نومه ومأوى ضيوفه ، بل كيف بالذي يعيش مشرداً بلا مأوى فالأرض قد أصبحت فراشه والسماء لحافه .

يا صديقي والله انك لتمسك السعادة بقبضتك وتداعبها في كل وقت وحين ولكنك لم تستشعرها فأنت نظرت لمن هو أفضل منك ولم تنظر للذي هو أدنى ، نسيت مقدار النعم التي رزقت بها والتي لا تعد ولا حتى تحصى ، احمد الله وارضى بما قسمه لك وستتحول من الأسوء للأفضل ، من تعاسة الى سعادة ، من سخط الى رضاً .

يقول جل وعلا {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم} [النحل:18] .

قلت لك وأكرر قولي أنت لست الأسوء ولن تكون الأسوء أبداً .

وأخيرا .. نحمده سبحانه الذي يعطينا فننسى ما من به علينا ، ولكنه غفور رحيم يجازينا بالتقصير احساناً ويغفر ما فات للقلب الصدوق .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لذة العطاء

وسعت رحمته كل شيء